كتب محمد بازّي في صحيفة الجارديان أنّه في مارس 2024 حذّرت الجهة العالمية المختصة بأمن الغذاء من أنّ الفلسطينيين يواجهون مستويات كارثية من الجوع وأنّ المجاعة وشيكة في شمال غزة مع استمرار الحصار الإسرائيلي.
وأوضح أنّ تقرير الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية كان من أقوى التحذيرات منذ ديسمبر 2023، لكن إدارة جو بايدن تجاهلت هذه النداءات وسعت لإضعاف دور وكالات الأمم المتحدة والجمعيات الإنسانية التي حاولت تسليط الضوء على استخدام إسرائيل التجويع كسلاح حرب.

ويرى الكاتب أنّه رغم أنّ إدارة دونالد ترامب الحالية متورطة بعمق في المجاعة، إلا أنّ التواطؤ الأمريكي سبقها ويعد وصمة أخرى في إرث بايدن.

وأضافت الجارديان أنّ بايدن امتلك فرصًا متكررة خلال رئاسته لوقف انتشار التجويع في غزة لو أنّه أصغى لتحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية واتخذها دافعًا لتقييد الدعم العسكري غير المشروط لإسرائيل.
ووصفت سجل بايدن بالصادم، ليس فقط لضياع الفرص، بل لقسوته تجاه معاناة الفلسطينيين.
وكشف كبار المسؤولين الإسرائيليين منذ أيام الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023 نواياهم لتجويع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون.

ففي 9 أكتوبر أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت فرض حصار كامل يشمل قطع الكهرباء والغذاء والوقود، واصفًا الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية".
وبحلول ديسمبر 2023 حذّر تصنيف الأمن الغذائي المتكامل من مواجهة أكثر من مليون شخص في غزة خطر المجاعة ما لم تُخفف القيود على المساعدات.

ذكرت الجارديان أنّ هذا التصنيف يضم برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية وغيرها، ويختص بقرع جرس الإنذار عند نقص الغذاء المهدد بالمجاعة.
وفي فبراير 2024 أكد المقرر الأممي الخاص بالحق في الغذاء مايكل فخري أنّه لم يُشهد من قبل حرمان شعب مدني من الغذاء بهذه السرعة والشمول، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل تعمّدت منع إدخال الغذاء والمساعدات، وهو ما يعد جريمة حرب.

ومع هذه التحذيرات التفصيلية، لم يعد بإمكان بايدن وحلفاء إسرائيل الغربيين إنكار معرفتهم بحجم الأزمة وسياسة التجويع المتعمد.
ورغم أنّ القانون الأمريكي يمنع إرسال أسلحة لدول تعرقل المساعدات الإنسانية، فضّل بايدن الاستمرار في تسليح إسرائيل.

أوضحت الجارديان أنّ بايدن أصدر في فبراير 2024 مذكرة أمن قومي تلزم الخارجية الأمريكية بالتأكد من التزام الدول المتلقية للسلاح بالقانون الدولي والسماح بمرور المساعدات، لكن في مايو قدّم تقريرًا للكونغرس مليئًا بالمصطلحات المراوغة ليتجنب الاستنتاج بأنّ إسرائيل انتهكت القانون الدولي أو منعت المساعدات، ما كان سيؤدي إلى تعليق شحنات الأسلحة.

وفي أكتوبر 2024 وجّه وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة لمسؤولين إسرائيليين تطالب بإجراءات لضمان وصول الغذاء والدواء لسكان شمال غزة، مهددين بوقف الدعم العسكري إذا لم تتحسن الظروف خلال 30 يومًا، لكن المساعدات انخفضت في الشهر نفسه إلى أدنى مستوى خلال 11 شهرًا.

بعد انتهاء المهلة في نوفمبر 2024، لم يتخذ بايدن أي إجراء واستمر في إرسال الأسلحة، محافظًا على حماية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وأشارت الجارديان إلى أنّ أسوأ محاولات بايدن لتقويض عمل الهيئات الإنسانية كانت في أواخر أيامه في الحكم، عندما أجبر في ديسمبر 2024 منظمة أمريكية ممولة حكوميًا هي نظام الإنذار المبكر بالمجاعة على سحب تقرير يحذّر من مجاعة وشيكة في شمال غزة، رغم أنّه لم يعد يواجه أي تبعات سياسية بعد فوز ترامب في الانتخابات.

وختم محمد بازّي في الجارديان أنّ بايدن لم يعترف حتى في أيامه الأخيرة بحجم المعاناة التي سمح لإسرائيل بإلحاقها بالفلسطينيين، وأنّ إرثه سيظل مرتبطًا بالتواطؤ في جرائم الحرب والتجويع في غزة.

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/aug/09/biden-complicit-gaza-starvation